كلمة يعقلون في القرآن الكريم.. قبس من نور القرآن (1)

وردت كلمة يعقلون 49 مرة في 49 آية في 30 سورة في القرآن الكريم، حيث تكررت 8 مرات في سورة البقرة، 3 مرات في كل من سورتي يونس والعنكبوت، ومرتين في كل من سور آل عمران، المائدة، الأنعام، يوسف، النحل، الأنبياء، الروم، يس، ومرة واحدة في بقية السور (19 سورة).

(أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) البقرة 44

(فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) البقرة 73

(أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) البقرة 75

(وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) البقرة 76

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) البقرة 164

(وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) البقرة 170

(وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) البقرة 171

(كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) البقرة 242

(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) آل عمران 65

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) آل عمران 118

(وَإِذَا نَادَيۡتُمۡ إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا هُزُوٗا وَلَعِبٗاۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ) المائدة 58

(مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِنۢ بَحِيرَةٖ وَلَا سَآئِبَةٖ وَلَا وَصِيلَةٖ وَلَا حَامٖ وَلَٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَۖ وَأَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ) المائدة 103

(وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ۖ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنعام 32

(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۖ وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ۖ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ۖ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام 151

(فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا الْأَدْنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ ۚ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ ۗ وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأعراف 169

(إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) الأنفال 22

(قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) يونس 16

(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ ۚ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ) يونس 42

(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) يونس 100

(يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) هود 51

(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) يوسف 2

(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ ۗ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۗ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) يوسف 109

 (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الرعد 4

(وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) النحل 12

(وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) النحل 67

(لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنبياء 10

(أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الأنبياء 67

(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ۖ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) الحج 46

(وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) المؤمنون 80

(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا ۚ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) النور 61

(أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا) الفرقان 44

(قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) الشعراء 28

(وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) القصص 60

(وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) العنكبوت 35

(وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ ۖ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) العنكبوت 43

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) العنكبوت 63

 (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون) الروم 24

(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ ۖ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الروم 28

(وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) يس 62

(وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) يس 68

(وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) الصافات 138

(أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ ۚ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ) الزمر 43

(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) غافر 67

(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الزخرف 3

(وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) الجاثية 5

(إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) الحجرات 4

(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الحديد 17

(لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) الحشر 14

(وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك 10

بالتأمل في الآيات السابقة يمكننا تصنيفها إلى عدة مجموعات، كل منها يجمعها موضوع واحد كما يلي:

أولا: آيات الله المعجزات: البقرة 73، 164، الرعد 4، النحل 12، 67، المؤمنون 80، القصص 60،

العنكبوت 63، الروم 24، يس 68، غافر 67، الجاثية 5، الحديد 17

ثانيا: صفات  القرآن: يوسف 2، الأنبياء 10، الزخرف 3

ثالثا: ضرب الأمثال: البقرة 171، الأنفال 22، العنكبوت 43، الروم 28

رابعا: حوار الأنبياء مع أقوامهم: هود 51، الأنبياء 67، الشعراء 28

خامسا: الأحكام الشرعية وبيانها: البقرة 242، المائدة 103، الأنعام 151، النور 61

سادسا: تحذير المؤمنين: آل عمران 118، المائدة 58، الحجرات 4

سابعا: توبيخ وفضح اليهود: البقرة 44، 75، 76، آل عمران 65، الأعراف 169، الحشر 14

ثامنا: توبيخ المشركين: البقرة 170، الأنعام 32، يونس 16، 42، 100، يوسف 109، الحج 46، الفرقان 44 ،العنكبوت 35 ، يس 62، الصافات 138، الزمر 43 ، الملك 10

وقبل البدء في الحديث عن هذه الآيات نتعرف على المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي لكلمة يعقلون.

المعنى اللغوي:

عقَلَ / عقَلَ عن يَعقِل ، عَقْلاً عُقُول، فهو عاقل ، والمفعول معقول – للمتعدِّي

عَقَلَ الوَلَدُ : أَدْرَكَ حَقَائِقَ الأَشْيَاءِ

عَقَلَ الشَّيْءَ : فَهِمَهُ، أَدْرَكَهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، (ظنّ العاقل خير من يقين الجاهل)

عَقَلَ الدَّابَّةَ : ضَمَّ رُسْغَهَا إِلَى عَضُدِهَا وَرَبَطَهُمَا مَعاً بِالعِقَالِ لِتَبْقَى بَارِكَةً

عَقَلَ الدَّوَاءُ البَطْنَ : أَمْسَكَهُ بَعْدَ إِسْهَالٍ

عَقَلَ الوَعْرُ : صَعِدَ وَتَحَصَّنَ فِي أَعْلَى جَبَلٍ

عَقَلَ فلاناً عن حاجته : حبسَهُ عنها

العَقْلُ: القلب أو الحصن

أخَذ الزَّمان عقله: كبرت سنه

طار عَقْلُه و فقَد عقلَه و اختلط عقلُه:  جُنّ، وأُصيب بالهوس

طاش عقلُه: لم يتمالكْ نفسَه عند الغضب،

خفيف العقل: أحمق، طائش،

راجحُ العَقْلِ: كامل الرأي/ العقل،

عقلٌ عقيم: غير منتج ولا ينفع صاحبه، لا خير فيه،

مُتبلِّدُ العَقْل: لا يملك سرعة البديهة أو الذكاء،

حكَّمَ العَقْل: فوّض إليه أمرَ التَّقرير،

اعتقلَ يعتقل ، اعتقالاً ، فهو مُعتَقِل ، والمفعول مُعتَقَل (للمتعدِّي):-

اعْتُقِلَ لسانُه: عجز عن الكلام فجأة لصعوبةٍ أو تعذُّرٍ أو استحالة

المعنى الاصطلاحي:

العَقْلُ : ما يقابل الغريزة التي لا اختيار لها، و ما يكون به التفكيرُ والاستدلالُ وتركيبُ التصوُّرات والتصديقات، وهو كذلك ما يتميز به الحسَنُ من القبيح، والخيرُ من الشر، والحق من الباطل، وأيضا: الحِجْر والنُّهى ضِدُّ الحُمْق، والجمع عُقول، والحَقُّ أنه نورٌ روحانِيٌّ، به تُدْرِكُ النفسُ العلومَ الضَّرورِيَّةَ والنَّظَرِيَّةَ. وابْتِداءُ وجودِه عند اجْتِنانِ الوَلَدِ.

العقلُ الباطِن: اللاَّشعور، اللاَّوعي،

العقلُ العلميّ: هو الذي يمكن الإنسان من استنباط الصَّنائع والفنون،

العقلُ النَّظريّ: هو القوّة التي تمكّن الإنسان من التجريد واستنباط المعارف والعلوم،

العقل المنفعل: (الفلسفة والتصوُّف) الذي يتلقَّى الفيضَ من العقل الفعَّال

العقل الفعَّال: (الفلسفة والتصوُّف) آخر العقول المفارقة الذي يُعنى بعالم الكون ويفيض بالمعارفِ على العقل الإنسانيّ

هجرة العقول: خسارة الطَّاقات الفكريَّة والتقنيَّة خاصّة من خلال الهجرة إلى دول أكثر جَذبًا.

ومن خلال استعراض المعاني اللغوية والاصطلاحية لكلمة يعقلون نرى أن القرآن قد أعطى وزنا عظيما لهذه المنحة الكريمة من الله الكريم، والتي بها استحق التكريم (ولقد كرمنا بني آدم) وأسجد له ملائكته (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم)، ومن البداية جعله خليفة في الأرض (إني جاعل في الارض خليفة)، وحَمَل الأمانة (وحملها الإنسان)، وبها امتلك المعارف اللازمة للاستخلاف في الأرض (وعلم آدم الأسماء كلها)، وملك القدرة على الاختيار (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، فكانت المسئولية على الإنسان أن يُعمِل كل الطاقات الكامنة عنده في قدراته العقلية للتمييز بين الخير والشر، والحسن والقبيح، والهدى والضلال، و المعروف والمنكر، ورغم هذا فلم يترك المولى عز وجل الإنسان وحده في مواجهة وساوس الشيطان، ومنذ اللحظة الأولى لإهباطه من الجنة قال لآدم أنه سينزل له الهدى، وعليه أن يتحمل عاقبة اختياره (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ).

وقد أوفى رب العزة بوعده لآدم ولبنيه من بعده (…وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ…) فأرسل للأقوام على مر الزمن الرسل، وأنزل معهم الكتب والهدى ليعود الناس للحق بعد الضلال، وللنور بعد الظلمات، وقد علم الله عز وجل أن من بين أهم الأسباب التي تهوي بالناس لمهاوي الكفر والشرك هو الكِبْر، والأنا، واللتان تؤديان إلى استعباد الناس واستضعافهم، وتحريضهم على الاتباع الأعمى لما يقولونه لهم من مكر وخداع، ومن أنواع الكفر والشرك، مع تقديس الآباء والأجداد وما كانوا عليه من الجهالة والغواية، واتباع الشيطان ووساوسه، وهذا كله يقوم على إغفال دور العقل في التمييز بين الحق والباطل، والخير والشر كما سبق القول، وهذا الإغفال بل والقصد  والعمد لعدم إعمال العقل هو المحور الأساس لهذا الكم الهائل من الآيات والتي جاءت في هذه المواضيع الثمانية والتي تم تصنيف الآيات عليها، والتي تشمل الإيمان بالله من خلال النظر في الكون والإنسان، إلى استقباح الكفر وتوبيخ الكافرين لعدم استخدامهم هذه الملكة العظيمة القدر عند الله.

ومن خلال التعمق في  الآيات نرى الحث الشديد على إعمال العقل في الآيات الكونية وفي النفس  البشرية والتأمل في الشريعة القرآنية وفي القرآن نفسه، وذلك باستخدام العبارة (لقوم يعقلون 9 مرات) وعبارة (لعلكم تعقلون 8 مرات)، يأتي هذا في الوقت الذي كانت المجتمعات العربية والمجتمعات القائمة في العالم وقت نزول القرآن بعيدة كل البعد عن الِإشراقات الفكرية والحضارية، حيث كانت الحضارات في مرحلة الأفول بالأساس لهذا السبب، والذي أدى إلى هذا الانحدار القيمي والأخلاقي والحضاري عموما، فكيف لهذا النبي أن يأتي من تلقاء نفسه بهذا الكتاب الكريم من عنده، مليئا بهذه الإيماءات العظيمة، إنه كتاب الله المجيد، في اللوح المحفوظ، نزل به الروح الأمين  على قلب النبي الأمين، بشيرا ونذيرا، ورحمة للعالمين (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).

وإلى جانب الحث على إعمال العقل، عاتب وحذر ووبخ الناس على إهمال أو ترك أو إبعاد الناس عن إعمال العقل لما في ذلك من هدر لهذه المنحة الربانية العظيمة، وبعد عن القيام بالمهمة التي من أجلها خلق هذا الكائن المُكرَّم على جميع المخلوقات، والذي سخَّر له كل ما في هذا الكون من إمكانات مادية أومخلوقات حية.

وواضح تماما أن من أهم عناصر المنهج الحضاري في القرآن الكريم هم إعمال العقل في كل ما يحيط بنا، من أجل صالح البشر، وإعمار الكون، وبناء صرح الحضارة، وذلك من خلال تحقيق الانسجام بين الكتاب  المقروء والكتاب المفتوح، والوصول إلى النواميس والقوانين التي تحكم العلاقات بين الأشياء وتحكم حركتها وحقائقها، ويتحقق بذلك جوهر التسخير الذي أكده المولى عز وجل في كتابه الكريم. فمنهج البحث العلمي من النظر، والتجربة والاستنتاج والعمل وفق هذه النتائج لما فيه مصلحة الإنسان، هو ما نراه جليا في هذه الآيات الكريمة، وهذا ما كان الناس وقت نزول القرآن بعيدين كل البعد عنه وفي أمسِّ الحاجة إليه.

الجزء الثاني

ونبدأ الآن مع المجموعة الأولى من هذه الآيات:

أولا: آيات الله المعجزات: البقرة 73، 164، الرعد 4، النحل 12، 67، المؤمنون 80، القصص 60،

العنكبوت 63، الروم 24، يس 68، غافر 67، الجاثية 5، الحديد 17.

ومع الآية الأولى من هذه المجموعة ومع سورة البقرة الآية 73: (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تأتي هذه الآية استكمالا للآية السابقة لها والتي تتحدث عن جريمة قتل قام بها بعض بني اسرائيل واتهموا بها آخرين، ولم يكن هناك دليل على القاتل، فاستغلها بعضهم لتكون ذريعة في مواجهة موسى عليه السلام لمعرفة القاتل كدليل على نبوته يرونه بأعينهم، رغم كل الآيات المادية التي سبق أن عاينوها (في تسع آيات إلى فرعون وقومه) وما طلبوه من موسى (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) فكان الأمر الرباني لهم بذبح بقرة، ثم الأمر بضرب القتيل بأي عضو منها، ويأتي التأييد الإلهي لنبيه موسى، كل بني إسرائيل ينظرون، لأنهم كلهم يعرفون الحدث، قتيل (هم من قتله) وبقرة ميتة (ذبحوها بأنفسهم بعد معاندة شديدة مع نبيهم في ماهية البقرة)، ثم أَخْذ عضو ميت من البقرة الميتة، وتحدث المعجزة أمام أعينهم، وتحت سمعهم وبصرهم، يُضرَب القتيل بعضو ميت من البقرة الميتة، فيحيي الله القتيل، يقوم أمام أعينهم، ويتكلم (يسمعونه بآذانهم) ويخبرهم باسم قاتله ثم يموت مرة أخرى، فيبهت القوم، إنها المعجزة التي لا يستطيعون لها دفعا ولا مغالبة، هذه هي المدخلات التي وصلت إلى عقولكم أيها الناس، فكروا بها، أعملوا عقولكم، هل هذا من عند موسى؟ هل ما ترونه سحر؟ إنها آية من آيات الله التي عرفتتموها سابقا، وترون واحدة منها اليوم، فأين عقولكم؟ إنه الله الخالق، المحيي المميت، فإعادة الحياة للناس بعد الموت يوم القيامة هي أسهل على الله، وقد رأيتم بأنفسكم واحدة  منها، والله قادر بكلمة كن، فيكون ما يريد من إماتة أو إحياء، فعودوا إلى رشدكم وأنيبوا إلى الله. ولكن العبرة دائما بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فكل البشر بعد بني إسرائيل الذين رأوا المعجزة بأعينهم مخاطبون بهذا الخطاب القرآني (ويريكم آياته لعلكم تعقلون)، فآيات الله في  الكون لا تعد ولا تحصى، فقط أعملوا عقولكم، ابحثوا، وانظروا، وفكروا، واستخلصوا العبر والنتائج، وستصلون إلى بعض ما يلزمكم لإصلاح ولإعمار الأرض، وتحققوا مراد الله من خلقكم فيها (إني جاعل في الأرض خليفة) وهذا هو السبيل: إعمال العقل: “لعلكم تعقلون”.

ونصل إلى الآية 164 من سورة البقرة: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) يجمع المفسرون على أن هذه الآية تعقيب على الآية السابقة لها (وإلهكم إله واحد، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم) وذلك عندما طلبت قريش من الرسول صلوات ربي وسلامه عليه أن يجعل الصفا ذهبا، وذلك من رحمة الله بقوم النبي وجههم إلى ما هو أبلغ في الدليل على وحدانية الله جل وعلا، وهو إعمال العقول في كل الكون من حولهم، السماوات و الأرض وما فيهما من الآيات مما يدل دلالة معجزة على ذلك. فلم يدع أحد من الكفار والمشركين على مر التاريخ البشري أنه خلق أي شيئ في هذا الكون، صغيرا أو كبيرا، وكانت إجاباتهم دائما أن الخالق هو الله، ولكنهم يشركون معه آلهة أخرى، فهل خالق السماوات والأرض، والليل والنهار، والفلك والبحار، والرياح والسحاب، وكل الدواب على الأرض ماعظم منها وما صغر، ما نرى وما لا نرى، ما علمنا وما لم نعلم، فكل واحدة منها معجزة في كل شيئ فيها، خلقها، تكوينها، حركتها، مناسبتها بما هي عليه لحياة البشر، بقوانينها التي تحكم كل ما سبق، ويشمل ذلك فناءها (إلى أجل مسمى) فالأجل المسمى معلوم عند الله منذ الخلق الأول لكل مخلوق، وما علينا – نحن البشر الذين منحهم الله نعمة العقل والإدراك – إلا أن ننظر ونفهم هذه الآيات الدالة على وحدانيته، فالسماوات سبع، وقد تحدث القرآن فقط عن السماء الدنيا المزينة بالنجوم والكواكب، والتي هي في اتساع دائم (والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون)، والأرض بمائها وبحارها وهوائها ونباتها، بجبالها ووديانها، وسهولها وأنهارها، وما فيها من دابة، والتي ما زلنا نكتشف كل يوم جديدا منها، ولم نسبر بعد كل أسرارها، والقانون الواحد الذي يسري عليها جميعا من حاجتها إلى الطعام والشراب والتنفس، وقوانين الطاقة التي تحكم مسيرة الكون كله، فالأمر يحتاج إلى مجلدات ومجلدات لحصر اليسير من علوم الكون والطبيعة من حولنا، وما جمعته البشرية جمعاء منذ بدء الخليقة إلى اليوم هو: قليل (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)، ومع هذا كله فالله يحثنا دائما على التفكير والبحث عما ينفعنا في هذه الحياة الدنيا، ثم هناك اللفتة الجميلة في ختام الآية (لآيات لقوم يعقلون) وكأن الله تعالى يقول لنا: عليكم جميعا أن تكون هذه صفة لكم، تُعملون عقولكم، كل في مجاله الذي يبدع فيه، الفلك، الطبيعيات، الجغرافيا، علوم الحياة الإنسانية أو الحيوانية، إنه البحث مصحوبا بإيمان راسخ بالخالق الرحيم، الرازق الكريم، فتتفتح أمام الباحثين مغاليقها وينعم الناس بما يغدق الله عليهم من المنح، إنهم قوم، وليسوا بجزء صغير منهم، بل غالبيتهم، للدلالة على انتشار العلوم فيهم، لما يصلح حاضرهم ومستقبلهم وآخرتهم. قوم يعقلون.

وإلى الآية 4 من سورة الرعد: (وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) والتي تأتي بتفصيل آية من الآيات التي أجملها القرآن في الآية السابقة من سورة البقرة (164) وهي إحياء الأرض بعد موتها، وهذه أيضا آيات وليست آية واحدة، فكل  منها معجزة بينة لقوم يعقلون، والذين سبقت الإشارة إليهم. فانظروا إلى الأرض تجدون أصنافا مختلفة، منها الخصب، ومنها السبخة، ومنها المرتفعة، ومنها الصحراء الرملية، ومنها السوداء والحمراء، وكل منها يصلح لشيء من النبات، لا يصلح لغيره، وهي كلها متجاورة، فمن غير الله يفعل ذلك؟ّ!

ثم هناك الجنان العامرة بالخيرات من الأعناب بأنواعها وأشكالها وطعومها، وبأنواع الزرع والمقصود به القمح والشعير وما شابه من أنواع الطعام، وبأنواع النخيل المتشابه وغير المتشابه بشكله وطعمه ولونه، ومنه أنواع تُخرج أكثرمن واحدة من الأصل الواحد في الأرض (صنوان) ومنه شجرة واحدة فقط (غير صنوان)، وكل ذلك في نفس المكان، في نفس التربة ويسقى بنفس الماء ولكنه أنواع كثيرة، والتفضيل من الله لبعضه على بعض، حتى من الشجرة الواحدة، فاي عظمة هذه؟! وأي إعجاز هذا؟!، فالله الخالق القادر على ذلك هو المستحق للألوهية دون شريك، وللعبودية وحده، فهو رب الأرباب، والذين من دونه لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، فانظروا وتدبروا واعقلوا.

ونصل إلى الآية 12 من سورة النحل: (وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) وتأتي هذه الآية كما الآية 4 من سورة الرعد بتفصيل أكثر للآية 164 من سورة البقرة، مما يجري في السماوات من الآيات المعجزة الدالة على كمال قدرة الله. والحديث في هذه الآية عن تسخير هذه الأجرام السماوية وما ينتج عنها من الظواهر الكونية لخدمة الإنسان، ولاستمرار حياته وصلاحها، والتسخير يعني أنها تفعل ذلك بقهر الله لها منذ خلقها، فجعلها تسير وفقا لقوانين تضبط حركتها في أفلاكها، وتضبط الطاقة الكامنة فيها والخارجة منها، كل بمقدار معلوم لله، وما علينا إلا أن نعمل عقولنا لنصل إلى بعضٍ مما يمن الله علينا به لما ينفعنا، فالليل والنهار هما ظاهرتان ناتجتان عن حركة الأرض حول الشمس، وهي حركة دائبة (دائبين) على مدار الدهر كما قدره الله تعالى، فهما يتعاقبان، (يولج الليل في النهار و يولج النهار في الليل) والآيات في القرآن كثيرة عن الليل والنهار والشمس والقمر، فالليل للسكينة والراحة والنوم السبات، والنهار للحركة والعمل والكد والنشاط، والإثنان لإعمار الكون، وحياة الإنسان، وصلاح الجسد لا يكون إلا بالإثنين معا، لا نوم دائم ولا يقظة دائمة. ثم الحديث عن النجوم بجملة جديدة، فهي رغم بعدها بأرقام هائلة من السنين الضوئية، وهذا مما توصل إليه العلم في عصرنا الحديث إلا أننا ننتفع بها، فيه مُسخَّرة للإنسان، وما زلنا نكتشف كل يوم علوما جديدة عنها، ويُنفق الكثير من المال لمواصلة العمل لمزيد من المعرفة عنها، وعما يمكن أن يفيدنا منها إضافة لما ذكره القرآن عنها، (وعلامات وبالنجم هم يهتدون) ومرة أخرى يأتي التعقيب (لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) إنه التحريض المستمر للناس لإعمال عقولهم في كل ما يدور حولهم للإيمان، ولاكتشاف ما يصلح أحوالهم.  

ونكمل مع سورة النحل والآية 67: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، وتأتي هذه الآية لتدخل في تفصيل أكثر للآية 4 من سورة الرعد، والتي تحدثت عن الأعناب والنخيل، فما أجمل هذا التتابع بدءا من سورة البقرة إلى سورة الرعد إلى سورة النحل، إنه كتاب الله المجيد، المعجز المبين، والآية هنا في اتخاذ الناس من ثمرات النخيل والأعناب رغم اختلاف ألوانها وطعومها وأشكالها المباحة على إطلاقها باعتبار ثمارها، ولكن تتدخل إرادة الإنسان في تغيير هذه الثمار عن حالها بعصرها وتجفيفها، واستعمالها بعد ذلك في مسارات شتى، والآية تتحدث عن بعض ما يفعله الناس بهذه الثمار، فهي وصف لحال الناس مع إيماءات لما سيأتي في المستقبل، فالمسار الأول الذي وصفته الآية (السَكَر) أي تصنعون من هذه الثمار ما يسكركم ويذهب عقولكم، وتتعاملون مع هذا السَكر على أنه لذة كبيرة ووسيلة لمتع أكثر بعد ذلك، والمسار الثاني هو الرزق الحسن، ووصْفه بالحُسن يشير بوضوح شديد إلى استحسانه وحِله، وقد اعتبر بعض الفقهاء أن هذه الآية هي المرحلة الأولى على طريق تحريم الخمر، ويذهب الأستاذ سيد قطب والشيخ الشعراوي إلى تأييد هذا الرأي، أي أن هذه الآية توطئة لتحريم الخمر بعد ذلك، وأرى أن التعقيب على الآية بقوله تعالى لقوم يعقلون هو إشارة واضحة للتوطئة لتحريم الخمر، فإذا كان الله يريد منا أن نعمل عقولنا (كما ورد في 49 أية من كتابه العزيز)، فهذا يتطلب ألا يُغيِّب الإنسان عقله ولو للحظة واحدة، كيف لا والواحد منا يقضي ثلث عمره نائما، وجزءا آخر في قضاء حاجاته الأساسية من طعام وشراب وإخراج، وجزءا آخر في الكد والعمل، فهل يليق بعاقل أن يُذهب عقله في الجزء القليل من الوقت الذي تبقَّى له لكي يفكر ويتدبر في الكون من حوله، وللتفكر في مخلوقات الله أو في نفسه؟ بالطبع فالجواب الحكيم لا، وبالتالي سيكون القرار لكل ذي لب وحكمة الابتعاد عن السَكروالاكتفاء بالرزق الحسن، وهكذا يحقق المقصود من قوله (لقوم يعقلون).

ونواصل مع سورة المؤمنون الآية 80  (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) تأتي هذه الآية في سياق الآية السابقة لها (وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون) والتي أوجزت في كلمات قليلة قصة خلق الناس في الأرض ثم الحشر إلى الله عند قيام الساعة، فناسب ذكر الإحياء والإماتة بعدها، فالخالق هو المحيي، والإحياء يستلزم تسخير كل ما يصلح الحياة لمن خَلَق (الناس)، والتي تم الحديث عنها في الآيات السابقة، وفي هذه  الآية إشارة واحدة فقط وهي اختلاف الليل والنهار، والمقصود بذلك هو تعاقبهما، والذي ينتج عن دوران الأرض حول الشمس، والذي لم يكن معلوما للناس في الوقت الذي نزل فيه القرآن، وهو كذلك الذي يميت، وهي سنة الله في كل مخلوقاته (إلى أجل مسمى) كما في قوله تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)، ويرى صاحب التحرير والتنوير أن قوله تعالى (يُحْيِي وَيُمِيتُ) يمكن أن يكون فيه إشارة إلى الموتة الصغرى أي النوم والاستيقاظ بعده بدلالة الإشارة بعده لتعاقب الليل والنهار، وسواء كان الرأي الأول والذي عليه جمهور المفسرين أو الثاني، فالآية فيها عتاب شديد اللهجة بهذا الاستفهام المنفي على عدم إعمال العقول في هذه الآيات التي من تكرارها وإلفها لم تعد تثير فينا التفكير فيها، وفي استحضار عظمة الخالق ووحدانيته الواجبة له وحده، لا إله غيره ولا معبود بحق سواه.

ونصل إلى الآية 60 من سورة القصص: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا ۚ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) وتأتي هذه الآية لتقرر حقيقة من الحقائق الإيمانية التي يجب أن تستقر في قلوب المؤمنين أولا، وعموم الناس ثانيا، أن كل ما هم فيه من المال والمتاع والصحة والعقول والجاه والسلمطان، إنما قد أوتوه من الله، وليس من عند أنفسهم، فهذا كله نتيجة مباشرة لما سخره الله من السماء والأرض وما فيهما، فهذا كله من نعم الله على الناس، وهذا أساس من أسس البناء الحضاري للمجتمع الإيماني، وهو يحقق القراءة باسم الله، وإذا نظرنا إلى المَثل الذي ضربه الله للعالمين من خلال قصة قارون (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة) ولا أتصور أن أحدا من البشر مَلَك هذا القدر من المال والمتاع، ولكنه فقد البوصلة الحقيقية وقال (إنما أوتيته على علم عندي) فماذا كانت النتيجة؟ (فخسفنا به وبداره الأرض)، أما الأساس الثاني من المنهج الحضاري فهو أولا: أن كل ما في هذه الحياة الدنيا من الأشياء إنما هو متاع زائل، فلا ينبغي أن يستحوذ على جل اهتمام الإنسان إلا بقدر ما يصلح شأن الناس معتقدا أنه متاع زائل، فلا يطغى على الناس ولا يتجبر، ولا يظلم أحدا في سبيل الحصول على كل ما عندهم ليزيد ما عنده، وعُمُر الدنيا للإنسان لا يقاس بعمرها هي بل بعمره هو الذي يتمتع به فيها، فكم قدره يا ترى؟ إنه سنوات معدودة لا يدري هل سيعيشها فعلا أم لا؟ والجزء الثاني من الأساس الثاني هو أن الآخرة وما عند الله فيها هو الباقي والخالد (ما عندكم ينفد وما عند الله باق)، وأما الجزء الثالث من المنهج الحضاري فهو إعمال العقل والموازنات اللازمة قبل اتخاذ القرار في كل جزء من مسيرة الحياة، فماذا نختار؟ الزائل أم الدائم؟؟ والمؤكد أن كل ذي عقل متزنِ واعِ لن يفرط في الدائم الخالد ( أفلا تعقلون).

أما الآية 63 من سورة العنكبوت: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ۚ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ) فتتحدث عن جزء مما تحدثت عنه الآية 164 من سورة البقرة وهو إنزال الماء من السماء، وإحياء الأرض بعد مواتها، ولكن في سياق آخر، إنه إقامة الحجة على المشركين، فيقول الله تعالى لنبيه الكريم: لو توجهت لهم بهذا السؤال: من الذي ينزل الماء من السماء ويحيي به الأرض بالنبات الذي ترون وتأكلون وتتمتعون به، فستكون إجابتهم القاطعة: الله، فهم لا ينكرون ذلك، ولكنهم مع هذا يشركون معه أصناما وآلهة أخرى، فأي فهم هذا؟ وأي إدراك هذا؟ فالخالق الرازق، المحيي المميت هو من يستحق العبادة وتوحيد الألوهية، لا أصنامكم التي تدعون من دونه. فهذه الحجة المقامة على المشركين من خلال اعترافهم بقدرة الله على الإحياء والإماتة، هو تأييد من الله يستحق الحمد من النبي لله تعالى، وجاء معنى هذه الآية في مواضع أخرى من كتاب الله (وَتَرَى الأَرْضِ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) وقوله تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ ۚ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

ومع الآية 24 من سورة الروم: (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُون)، تأتي هذه الآية للحديث عن معجزة جديدة مما يحدث بين السماء والأرض، والتأكيد على معجزة أخرى سبق الحديث عنها في الآيات السابقة، مع التأكيد مرة جديدة على الأهمية البالغة لإعمال العقل الجماعي الواعي والمستنيروالمسئول، للوصول لأغوار الأحداث العظيمة في هذا الكون ودلالاتها، ومن ثم الوصول للإيمان بالله الواحد، واتباع المنهج الرباني الذي جاء به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. الحديث هنا عن ظاهرة كونية عظيمة هي البرق، والله تعالى يقول (يريكم) ولم يقل (ترونه)، فالله هو من أوجده بالنواميس التي أودعها في الأسباب المؤدية إلى حدوث البرق، من ظاهرة تبخر الماء من هذه المسطحات العظيمة من المياه في المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، من تأثير حرارة الشمس، ثم تكاثفه في السماء كالجبال، ثم الطاقات الكهربية التي تنتج بعد ذلك لتؤدي إلى هذا الحدث الكبير من البرق والصواعق، وما يتلوها من الصوت المرعب (الرعد)، والذي سميت سورة من القرآن الكريم باسمه، فالله يُري البشر هذا البرق من بداية الخلق وإلى قيام الساعة، لأنه أحد القوانين الطبيعية التي استودعها الله هذا الكون العظيم، فما هي استجابتكم له؟ والقرآن يجيب هنا ويقول: إنكم أيها الناس بين أمرين لا ثالث لهما: الخوف والطمع، الخوف من الظاهرة في حد ذاتها، ومن قصف الرعد، الخوف إذا كان الظرف غير مناسب لما يُتوقع من المطر بعد البرق وخاصة لمن كان لا يملك من المتاع ما يقيه حر الصيف ولا برد الشتاء، الخوف لمن كان في السفر، إنه الخوف الذي يصيب البعض، ومن جانب آخر الطمع فيما يأتي بعد البرق ومصاحبا له من الماء النازل من السماء فيسقي الأرض ويحييها بعد موتها، إنه الطمع في الرزق الوفير، والخير الوفير، ويكون التعقيب الأخير على كل ما سبق، إن الله قادر بل (قدير على صيغة المبالغة) على كل شيئ، فلا يعجزه شيئ في الأرض ولا في السماء وهو الحكيم الخبير. 

وإلى سورة يس الآية 68: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ ۖ أَفَلَا يَعْقِلُونَ): يرى جمهور المفسرين أن هذه الآية تتحدث عن حقيقة واقعة في حياة الناس وهي الطورالأخير الذي يمر به الإنسان إذا ما عاش من العمرعِتِيا، وشبيه ذلك قوله تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) وقوله تعالى (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ ۚ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ)، والمقصود ب (نعمره) أي نطيل في عمره، فماذا سيحدث له عند ذلك؟ ستحل به سُنة الله الكائنة في كل المخلوقات، فبعد فورة الشباب ومنتصف العمر، يدب الضعف رويدا رويدا، وهذا الضعف يصيب كل القوى الجسدية والعقلية، بياض الشعر، ووهن العضل، وضعف الأجهزة كلها، وضعف القوى العقلية كذلك حتى لا يكون من الممكن اكتساب أي معرفة أو علم بعد، بل ضياع العلم المكتسب سابقا، حقا إنها انتكاسة، وليست عودة للطفولة، فهي على العكس من الطفولة الجميلة المتفتحة، إنها الكهولة والعمر الطويل مع رجاء الرحمة لهذا الإنسان (انتهاء الأجل)، فلا أمل في العودة من جديد! فهلا فكرت أيها الإنسان في هذه الدورة من الحياة الكائنة في البشر، في الحيوان، في النبات… إنها سنة الله، فما لكم لا تعملون عقولكم؟ ما لكم لا تأخذون العبرة مما أصاب من قبلكم؟ عودوا إلى ربكم قبل فوات الأوان، والفرصة متاحة لكم، خذوا من شبابكم لهِرمكم.

وقد خالف صاحب التحرير والتنويرهذا الرأي واعتبر أن الآية تتحدث عن انتكاسة مجازية تتعلق بإذلال المشركين، على اعتبار أن المقصود بكلمة الخلق: الناس، أي أن الله سيذل المشركين بين الناس إن أصروا على الشرك كما فعل بمشركي قريش يوم بدر وعند فتح مكة، وأرى أن رأي الجمهور أقرب لمجمل الآيات التي تم عرضها سابقا.

وأما الآية 67 من سورة غافر: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) تأتي هذه الآية بتفاصيل لمراحل خلق الإنسان والتي أوجزت في كلمات قليلة في الآية السابقة من سورة يس، و قد تمت الإشارة إلى بعض هذه المراحل في الآيتين اللتين وردتا في تفسير الآية السابقة من سورة يس أعلاه، وتتحدث هذه الآية عن بداية الخلق وأنه من تراب، إنه ابتداء خلق الإنسان ممثلا بآدم عليه السلام، وهذا يحتاج إلى بحث قائم بذاته، فهو أبو البشر وخلق الله من آدم (على القول المشهور) حواء، زوجه، (ثُمَّ) وهي تفيد التراخي، فكم من الوقت مضى بين خلقهما وبداية التناسل، وحده الله من يعلم ذلك، فهذه آية في حد ذاتها، معجزة خلق الإنسان من تراب، وبعد ذلك، وبما أودع الله في الإنسان من الأعضاء والأجهزة، كان التكاثر بالتزاوج بين الذكر والأنثى، والذي هو سنة الله في مخلوقاته، النبات والحيوان والإنسان، والبداية تكون من هذا الماء المهين، من الرجل والمرأة، من النطفة، والتي تصل إلى رحم الأنثى وتلتقي البويضة للتلقيح والتطور، فتتكاثر الخلايا وتصبح علقة، وتستمر هذه العملية (والتي أوجزت في هذه الآية) حتى مرحلة الولادة، ليمر الإنسان بمرحلة الطفولة (يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)، وهي أطول طفولة لأي كائن حي على وجه الأرض، والتي تصل إلى 18 عاما تقريبا (16 إلى 20)، وهي كذلك لأن الإنسان في حاجة لاكتساب الكثيرالكثير من المعارف والمهارات التي تؤهله للخلافة في الأرض، ثم يصل الإنسان إلى مرحلة (الأَشُد)، إنها مرحلة النضوج الجسدي والرشد العقلي والمسئولية المالية الكاملة، ويواصل الإنسان دوره الكامل حتى يصل إلى مرحلة الشيخوخة والتي تصل به إلى سن الخمسين فما فوق، لتبدأ مراحل الضعف، حتى الأجل المسمَّى عند الله، ولكن هذا الأجل قد يسبق هذه المرحلة (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّىٰ مِنْ قَبْلُ) وكلمة قَبْلُ هنا جاءت مضافة لكلمة محذوفة (هذا) أي قد يأتي الموت في أي مرحلة منذ الكينونة في رحم الأم وحتي بلوغ مرحلة الشيخوخة، فتفكروا أيها الناس، من القادر على كل هذا، ثم ليتفكر كل الناس في كل الأزمنة، هل الحديث عن هذه التفاصيل الدقيقة هو من عند محمد، النبي الأمي، وأنَّى له ذلك، إنه الله، وهذا كتاب الله وكلامه، هل تتخلف هذه السنة في الخلق عن أحد؟ إن من يفعل كل هذا يستحق وحده الألوهية والربوبية، فهو الله الواحد الأحد، المستحق للعبادة، وهو القادر على إعادتكم إلى الحياة مرة أخرى يوم القيامة، (ولعلكم تعقلون).

وإلى سورة الجاثية الآية 5: (وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) وقد تمت الإشارة إلى ما ورد في هذه الآية من المعجزات في الآيات السابقة والتي تم الحديث عنها بما يغني عن الإعادة مرة أخرى، ولكن في كل مرة يكون السياق مختلفا، سواء في الشمول أو الخصوص، أو التفصيل أو الإيجاز حسب الآيات التي تأتي في سياقها والهدف من سردها في مكانها، وصياغة الآية في كل مرة تختلف عن الأخرى بما ينفي التكرار، لمجرد التكرار، بل هو الجمال الجديد والإعجاز المبين، والحث المُؤكِّد على إعمال العقل للوصول إلى حقائق الكون وقوانينه لفائدة الإنسان ورفع شأنه، وتحقيق كرامته بين المخلوقات كلها. ونصل إلى الآية الأخيرة في هذه المجموعة وإلى سورة الحديد الآية 17 (اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) إن الناظر المتأمل في هذه المجموعة من الآيات ليعجب أشد العجب من هذا التناسق المبدع في المقارنة بين بني إسرائيل وبين المؤمنين من أتباع النبي الكريم محمد صلوات ربي وسلامه عليه، ففي الآية  73 من سورة البقرة والتي بدأت بها هذه المجموعة من الآيات كان الحديث عن القتيل الذي يحييه الله تعالى من خلال ضربه بعضو من حيوان ميت ذبحوه بأنفسهم، فتكون المعجزة المنظورة من قبلهم هي إحياء القتيل وكلامه لهم، أما مع المؤمنين من أتباع النبي، فتبدأ الآية الخطاب لهم بقوله تعالى: (اعلموا) هو نبأ يقيني يخبرهم به الله في كتابه العزيز، أن الله القادر على أن يحيي الأرض المَيْتة (وهنا لم يذكر إنزال الماء عليها كما هوالحال في الآيات السابقة) قادر على إحياء قلوبكم بعد أن قست، والقسوة هنا نسبية إذا ما قورنت ببني إسرائيل، لأن القسوة هنا ليست دائمة بل هي طارئة، وأن حياتها تكون بذكر الله المُسْتحضِر لعظمته وقدرته، والمثال على ذلك حياة الأرض بعد همودها، فما عليكم إلا أن تكثروا من ذكر الله وتلاوة كتابه، واكتفى القرآن بالبيان لهذه الآيات الدالة على عظمة الله وقدرته، فقلوبهم مرهفة، تتأثر بالبيان من الله رجاء الفهم والعقل والتفكير والاعتبار، والرجوع والإنابة الحقة لله، والتوبة مما اعترى قلوبهم من القسوة لتقصيرهم بذكره. وقد جاءت هذه الآية بعد العتاب الذي عاتب به المؤمنين في الآية السابقة (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)، إنه العتاب على مرحلتين، بالسؤال المنفي ب (لم) وكلمة (يَأْنِ)، ثم عتاب أشد وأكثر إيلاما لهم أن عليكم ألا تصبحوا مثل اليهود والنصارى الذين هجروا كتابهم (كتبهم)، فيقول الحق لهم إياكم أن تتشبهوا بهم فتصبحوا فاسقين مثلهم، فأنتم أتباع محمد، الرحمة المهداة للعالمين، ولا يحق لكم إلا أن تسيروا على دربه وتهتدوا بسنته، فهو لكم الأسوة الحسنة، لأنكم ترجون الله واليوم الآخر.

كتابة: الأستاذ محمود البرهان