لماذا نصوم رمضان
ها نحن مجددا وبفضل من الله تعالى فى رحاب الشهر الكريم الذي كلفنا الله بصيامه لتطهير أجسامنا من السموم الضارة وتنقية أرواحنا لكي نهزم النفس الأمارة بالسوء فى داخلنا ونكتشف مواطن الخير التى تحيط بنا من كل جانب.
هذا شهر اختصه الله من دون كل الشهور وكفى بقوله «الصوم لي» عنوانا لفضل الصيام على سائر الفرائض فالصوم ثلاثة صوم الروح وهو قصر الأمل وصوم العقل وهو مخالفة الهوى وصوم الجوارح وهو الإمساك عن الطعام والشراب, فالصوم فريضة توسع الصدر وتقوى الإرادة وتزيل أسباب الهم وتعلو بصاحبها إلى أرفع المراتب فيكبر المرء فى عين نفسه ويصغر حينها كل شئ فى عينه .. إنه حالة من السمو الروحي لا يبلغها إلا من يتأمل فى حكمة الله من وراء هذه الفريضة التى هي بمثابة فرصة لأن ما أفسدته شهور السنة فى أرواحنا المثقلة تصلحه أيام رمضان المباركة فالسنة مثل شجرة والشهور فروعها والأيام أغصانها والساعات أوراقها وأنفاس العباد ثمارها فشهر رجب أيام توريقها وشعبان أيام تفريعها ورمضان أيام قطفها والصائمون قطافها.
فى هذا الشهر الكريم الصيام ليس فقط مجرد امتناع عن الطعام والشراب وإنما هو جهاد للنفس وغسيل للقلب وصمود أمام كل محاولات إفساد الصيام باللعب الرخيص على الغرائز ثم إن الصيام يحفز فى النفس صحوة للضمير تشجع على كتابه رسالة اعتذار مختصرة لمن سينامون فى ضمائرنا ويقلقون نومنا ويغرسون خناجرهم فى أحشاء ذاكرتنا لأن صحوة الضمير تنعش الإحساس بالذنب تجاه من تسببنا لهم بأى نوع من الأذى والألم.
والذين يؤدون فريضة الصوم بمعناها الحقيقي كما أرادها المولى عز وجل هم من يغلقون مخزون أحقادهم ويطرقون أبواب الرحمة والمودة فيرحمون القريب ويودون البعيد ويفتحون قلوبهم المغلقة بمفاتيح التسامح ويطرقون الأبواب المغلقة بينهم وبين من خاصموهم.
ولعل أعظم ذكريات عشتها مع هذا الشهر الفضيل هي ذكرى الأيام المجيدة والخالدة التى صنعنا فيها ملحمة العبور فى أكتوبر عام 1973 بدءا من ظهر يوم العاشر من رمضان عام 1393 هجرية وكلل الله جهود المقاتلين الصائمين بنصر عظيم سوف يبقى مجدا وعنوانا لفضائل هذا الشهر الكريم
خير الكلام:
الصوم نصف الصبر وان صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك!