كلمة سلطان في القرآن الكريم
وردت كلمة سلطان في القرآن الكريم 37 مرة في 37 آية في 26 سورة، ابتداء من سورة آل عمران إلى سورة الحاقة.
حيث تكررت في بعض السور ثلاث مرات مثل: النساء، إبراهيم، الإسراء وغافر، ومرتين مثل: الأعراف، النحل، الصافات، ومرة واحدة في السور التالية: آل عمران، الأنعام، يونس، هود، يوسف، الحجر، الكهف، الحج، المؤمنون، النمل، القصص، الروم، سبأ، الدخان، الذاريات، الطور، النجم، الرحمن والحاقة.
وبالتأمل في هذه المواضع يمكن التوصل إلى التصنيف التالي بالاعتماد على مَن تنسب إليه هذه الكلمة كالتالي:
أولا: منسوبة إلى الله جل وعلا: في السور التالية:
آل عمران (151)، النساء ( 144، 153)، الأنعام (81)، الأعراف (33،71)، هود (96)، يوسف (40)، إبراهيم (11)، الإسراء (80)، الحج (71)، المؤمنون (45)، القصص (35)، الروم (35)، غافر (23، 35، 56)، الدخان (19)، الذاريات (38) والنجم (23).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) (96).
(قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (11).
(ثمَّ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ وَأَخَاهُ هَارُونَ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) (45).
(أمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) (35).
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) (23).
(وَأَن لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ ۖ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) (19).
(وَفِي مُوسَىٰ إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) (38).
ثانيا: منسوبة إلى المؤمنين: النساء (91).
(سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولَٰئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُّبِينًا) (91).
ثالثا: منسوبة لولي القتيل: الإسراء (33).
(وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا) (33).
رابعا: منسوبة للكافرين: يونس (68)، إبراهيم (10)، الكهف (15)، الصافات (30، 156)، الطور (38) والحاقة (29).
(هؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) (15).
(وَمَا كَانَ لنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ ۖ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ) (30).
(أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ) (156).
(أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ۖ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ) (38).
(هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ) (29).
خامسا: منسوبة للشيطان: إبراهيم ( 22)، الحجر (42)، النحل (99، 100)، الإسراء (65) وسبأ (21).
(إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (42).
(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون) (99).
(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) (100).
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا) (65).
سادسا: منسوبة للجن والإنس: الرحمن (33).
سابعا: منسوبة للهدهد: النمل (21).
وقبل البدء في التأمل والتدبر في هذه الآيات الكريمة سنبحث في المعنى اللغوي والاصطلاحي لكلمة سلطان.
أولا المعني اللغوي:
سلطان: مفرد والجمع سَلاطينُ
السلطان: القوة والنفوذ والسيطرة، وتستخدم كذلك للدلالة علي الملك أو الوالي وجمعها سلاطين
سلطان القانون: هيبته وسيادته
سلطان مبين: حجة بينة
عُرِف بسلطانه على أقرانه: أي بقوته و قدرته، و حجته أو بتسلطه.
السلطة: القوة
تسلُّط: قدرة على الإغواء أو استيلاء بالوسواس والإغواء
له سلطان: القهر والغلبة
سلَّطه عليه: مكَّنه منه وحكَّمه فيه
لفظ (سلطان) على وزن فعلان من السلاطة، وهي الانبساط بالقوة، وهو مشتق من (سلط) التي تعني القوة والقهر.
ثانيا المعنى الاصطلاحي:
وقد استخدمت هذه الكلمة في القرآن الكريم بمعنى البرهان والحجة كما معنى التسلط والتسليط على الناس سواء من الكفار أو من الشيطان. وهي وإن وردت بمعنى البرهان والحجة أرى وكما سنشرح في حينه أن لها بعدا نفسيا أشد تأثيرا في النفس من البرهان، و ذلك لأن الله جل وعلا هو خالق الأكوان وخالق الإنس و الجن، وكما يقول سيد قطب في الظلال: (الكون كتاب الله المنظور والقرآن كتاب الله المقروء)، والله وحده من يملك السلطان، وهو الذي يمنحه بِقَدَرٍ بمشيئته لمن يشاء كيفما يشاء وقتما يشاء للحكمة التي يشاء ولا راد لقضائه ولحكمه. وسنرى في الآيات أنها جاءت في سياق الإنزال والتنزيل والإيتاء، والنفي عن كل أحد غيره. والسلطان هنا ليس برهانا فقط بل البرهان ذو القهر والغلبة فلا يملك أحد كائنا من كان مغالبته.
كتابة: الأستاذ محمود البرهان